الخميس، 2 يناير 2014

مصطلح الحديث ( المحاضره الخامسه عشر )

الحديث المرفوع حجة أو ليس بحجة؟ قبل هذا فيه منه الصحيح، وفيه منه الحسن، وفيه منه الضعيف، والحديث والأثر الموقوف، وكذا الحال في المقطوع فيه منه الصحيح، ومنه الحسن، ومنه الضعيف، بحسب حاله،

فمن المرفوع ما هو صحيح، ومنه ما هو حسن، ومنه ما هو ضعيف ضعيفًا يسيرًا، ومنه ما هو ضعيف ضعفًا شديدًا، ومنه ما هو مكذوب على الحبيب صلوات ربي وسلامه عليه، وكذا الحال في الموقوف والمقطوع، فمنه الصحيح والحسن والضعيف، على أقسامه المعتبرة، كل يدرس بحسبه، وكل يدرس في إسناده.

لكن عندنا الآن مسألة، الحديث الموقوف أن الأثر الموقوف، وكذا الحال في المقطوع، هل هو حجة أم لا؟ يعني قول الصحابي هل هو حجة أم لا؟ متى يكون حجة؟ ومتى لا يكون حجة؟

إن وقع الخلاف بينهم على قولين لا يشرع لك أن تأتي بقولا ثالثًا في ذات المسألة.

ذهب أكثر العلماء إلى أنه يقتصر على أقوالهم، ولا يجوز أن يستحدث قول آخر، وذهب الإمام الشافعي وبعض متأخري الحنفية إلى جواز استحداث قول آخر، وأنه ما دام وقع بينهم الخلاف فحق لنا أن نختلف حالنا كحال أصحاب الحبيب النبي -صلى الله عليه وسلم-،

لكن الذي أميل إليه أنه ينبغي أن نكتفي بأقوال الصحابة، وألا نعدل عنها قولاً ثالثًا؛ لأنه أعلم الناس بالتنزيل، وأعرف الناس بالتأويل، وأكثر الناس، بل هم الذين اطلعوا على أسباب نزول الآيات، وأسباب ورود الأحاديث، وهم الذين عاشوا الوحي، وخالطوا الوحي .

المسألة الثانية: إذا اتفق الصحابة على قول، فهو على أحد حالتين:
إما أن ينعقد إجماع بذلك، وهذا حجة أو ليس بحجة؟ حجة، حجيته بالإجماع، «لا تجتمع أمتي على ضلالة»،
إما ينعقد إجماعهم على ذلك، أو أن يقول البعض.. نحن نقول ما اتفق الصحابة انتبهوا! إذن ما فيه خلاف، أو يقول البعض ويسقط الباقين، يفتي أربعة خمسة ستة من الصحابة بهذه الفتيى، ويتفق على الفتيى، ويسكت عامة الصحابة، هنا وقع الخلاف،
فالحق انه ليس بإجماع، وهو الذي يسمى عند العلماء بالإجماع السكوتي، الحق أنه ليس بإجماع.

مذهب الشافعية أنهم قالوا: يحق لنا ألا نأخذ بقولهم الذي اتفقوا عليه؛ لأنه لا ينسب لساكت قول، لا ينسب للصحابة الذين سكتوا قولاً، فقالوا هؤلاء، فقوله ليس بحجة،

والحق أن هذا حجة أم ليس بحجة؟ حجة، بل أقول مسألة، هذا الخلاف بين العلماء في قول الصحابي لا يرد قطعًا

المسألة الثانية في الموقوف،
هل كل أثر موقوف له حكم الوقف؟ أم أن بعض الموقوفات لها حكم الرفع إلى الحبيب النبي -صلى الله عليه وسلم-؟
يعني كأنني أريد أن أقول: أن المرفوع على قسمين:
مرفوع حقيقة، وهو ما رفع حقيقة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- من قوله، أو فعله، أو تقريره، أو صفته خلقية، أو خلقية.
ومرفوع حكمًا: وهو اللفظ أو الموقوف بلفظه، لكن معناه مرفوع إلى الحبيب النبي -صلى الله عليه وسلم.
نتكلم الآن عن صور هذه الحالات، متى يكون الأثر موقوفًا، وحكمه الرفع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم؟
الحالة الأولى: أن يكون مما لا مجال فيه للرأي ولا للقياس، يعني ما فيه مجال لاجتهاد الصحابة،

مثال: أحوال الآخرة، يوم القيامة، لن يتجاسر الصحابي أن يقول أمرًا غيبيًّا عن يوم القيامة من غير أن يكون قد سمعه من النبي -صلى الله عليه وسلم-، مثال قصص الماضين، يعني أمور غيبية، سواءً في المستقبل أم في الماضي، قصص الماضين، لن يتجاسر صحابي أن يقول أمرًا من أخبار الماضين لم يرد في كتاب الله -عز وجل- إلا أن يكون أخذه من سنة النبي -صلى الله عليه وسلم.

نشترط هنا شرطًا بشرط أن يكون الصحابي ممن لم يأخذ عن أهل الكتاب، بعض الصحابة كان يروي عن الإسرائيليات، يقرأ كتب الإسرائيليات ويروي عنها، فهذا يحتمل أنه أخذ هذه الغيبيات من من؟

من أهل الكتاب، هو ما قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ما يكون له ذلك، ولا يخرج هذا من أصحاب الحبيب النبي صلوات ربي وسلامه عليه.

فبعض الصحابة يروي عن أهل الكتاب، من أشهر هؤلاء الصحابة الذين يروون عن أهل الكتاب من؟
عبد الله بن عمرو بن العاص.
عبد الله بن عمرو بن العاص يروي عن أهل الكتاب، إذ وقعت له يوم اليرموك زاملتين عظيمتين من كتب أهل الكتاب فصار يقرؤها، فيروي عن أهل الكتاب، عبد الله بن عباس يروي شيئًا ما عن أهل الكتاب.
فالصحابة الذين يأخذون عن أهل الكتاب، لما يأتي بأمر غيبي لا نقول أنه بحكم المرفوع؛ لاحتمال أنه أخذه من أهل الكتاب، ولم يأخذه من النبي -صلى الله عليه وسلم.


الصورة الثانية: مما هو موقوف لفظًا، لكن له حكم الرفع مع ما له حكم المرفوع، ويعامل كالمرفوع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، يعني كأنني أريد أن أقول: حجة، يصبح حجة.
يعني ما حكاه الصحابي من فعل الصحابة أو قولهم مضافًا للعهد الماضي،
كقوله: كنا نفعل كذا وكذا، فأضاف الفعل إلى زمن الصحابة بصيغة الماضي، كأنه يقول في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وحينئذ هذا يدخل من إقرار الشرع لفعله،
ومن ذلك حديث جابر المشهور في الصحيح، صحيح مسلم :"كنا نعزل والقرآن ينزل"، فيه إشارة إلى أنه يريد أن يقول: كنا نعزل وأقرنا القرآن، فدل على أن هذا جائز، وأنه حلال جائز، ما دام أن القرآن يتنزل، ولم ينهنا عن ذلك.

إذن: ما كان في صيغة الماضي كنا نفعل كذا، كنا نقول كذا، فهذا له حكم الرفع، لكن هذا على صورتين:
صورة اتفق العلماء على أنها مرفوعة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وصورة وقع الخلاف بينهم،
والراجح أنه أيضًا لها حكم الرفع إلى الحبيب النبي -صلى الله عليه وسلم.


الصورة الرابعة:
 هو أن يُذكر في الحديث عند الصحابي ما يفيد الرفع، يعني كأن يقول الصحابي: أنميه إلى رسول الله، عن أبي هريرة يرفعه إلى رسول الله، ينميه إلى رسول الله، هذه ينميه بمعنى يرفعه إلى رسول الله، بهذه العبارة أو يرويه عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أو يرفعه مطلقًا، فهذه العبارات تدل على الرفع،

هل قول التابعي حجة ؟
الذي أميل إليه: أن قول التابعي ليس بحجة،
ذهب العلماء إلى الخلاف، فيه من قال أن قول التابعي حجة، وعامله معاملة قول الصحابي،
وذهب الطوائف الأكثر إلى أن قول التابعي ليس بحجة؛ لأنه إنما يكون غالبًا مستنده إلى الاجتهاد والنظر، ولا مزية لهم كما هي المزية مع أصحاب الحبيب النبي -صلى الله عليه وسلم-

الذي تميل النفس إليه، هو حقيقة تعريف الصحابي عند علماء الحديث، وهو مجرد لقاء النبي -صلى الله عليه وسلم-، لم؟ لأن هناك من الصحابة من اتفق الجميع على صحبتهم، ومع ذلك ما نال طول المكث، ولا ملازمة النبي -صلى الله عليه وسلم- كما يعرفه الاصوليون - واتفق الجميع على أنه من الصحابة، من أمثلتهم جرير بن عبد الله البجلي -رضي الله عنه-، أسلم متأخرًا، عام الوفود، واتفق العلماء جميعًا المحدثون والأصوليون على أنه صحابي، ومع ذلك لم يطل مكثه عند النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولم يجز تلك المدة التي يشترطها الأصوليون في حد الصحابي.

كيف نعرف الصحابي ؟

إما بأن يقول صحابي عنه أنه صحابي، وهذا ورد، أن يشهد صحابي له بصحبته للحبيب النبي -صلى الله عليه وسلم-، هذا الأول .

الثاني: أن يقول تابعي إمام ثقة أنه صحابي.
الأهم من هذا، وهو التواتر، أن يتواتر أن هذا الصحابي صحابي، مثل من المتواتر أنه من الصحابة: الخلفاء الأربعة، بل العشرة المبشرين بالجنة،
 إذن أهم شيء التواتر، أن يتواتر أن ينقل العلماء، أو الناس نقلاً متواترًا أن أبا بكر وعمر وعثمان وعلي وسائر العشرة المبشرين بالجنة من الصحابة، هذا المتواتر .

النقطة الثانية: الشهرة والاستفاضة،
أن ينال الصحابي هذا بالشهرة والاستفاضة، ما قصدي بالشهرة والاستفاضة؟ لم يبلغ حتى التواتر، لكنه اشتهر، مثال سعد بن معاذ، سعد بن عبادة، بلغ حد الشهرة والاستفاضة دون حد التواتر،
يعني ممكن بعض الناس لا يعرف سعد بن عبادة، ممكن لا يعرف سعد بن معاذ،
لكن هل تتصور فيه إنسان لا يعرف أبو بكر وعمر وعثمان وعلي؟ هل تتصور هذا؟ لا، إذن التواتر

الأمر الأول الذي يثبت به الصحابي،
الثاني: الشهرة والاستفاضة، كعموم الصحابة الذين اشتهر أمرهم بين جماعة دون جماعة، أو لم يبلغوا حق التواتر.
الحالة الثالثة: هي التي نقلناها، وهي أن ينص صحابي على صحبته.
الحالة الرابعة: أن ينص إمام تابعي ثقة على أنه صحابي، فيقول: فلان بن فلان صحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فينص هذا التابعي على صحبة هذا الصحابي.
والحالة الأخيرة: أن يقول الصحابي نفسه، بشرط أن يكون هذا الراوي هو الصحابي فيثبت الصحبة لنفسه،
بشرط أن يكون قد ثبتت له العدالة، فيثبت الصحبة لنفسه،
ويشترط هنا شرط آخر: أن يكون بالنظر إلى الإدراك أنه من الممكن أن يدرك رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
الشرط الأخير نقول: أن يقول هو عن نفسه أنه صحابي، وذلك بشرطين:
أن يكون صحابي ثابت العدالة.
وأن يكون في المدة الممكنة التي يعني مائة سنة بعد النبي -صلى الله عليه وسلم-، التي أخبرنا عنها -صلوات ربي وسلامه عليه.

فلذلك يا إخوتي نقول قاعدة قررها العلماء، والمسألة فيها حق وخلاف، الذي تطمئن نفسي إليه، وأدين الله به دينًا: أن الذي يكفِّر أحد الصحابة لا يكفر،أحدًا من آحاد الصحابة واحد اثنين ثلاثة، لكنه ضال، مبتدع، فاسق، منحرف، صاحب هوى وبدعة، بئس القول قوله، وبئس الفعل فعله،
هذا الذي أطمئن إليه، والمسألة فيها خلاف،
لكن من كفَّر صحابيًّا ثبتت صحبته بالقرآن الكريم، كقوله -عز وجل-: ﴿إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾ [التوبة: 40] فقال أبو بكر كافر، نقول: كذَّبت كتاب الله، فكفرت بتكذيبك لكتاب الله -عز وجل-، صواب كذَّب كتاب الله أم لم يكذِّب؟ أثبت الله لأبي بكر الصحبة، وهو قد نفاها عن أبي بكر.

أو من اتهم المؤمنين، أمنا -رضي الله عنها وأرضاها- بالزنا، وقد برَّأها الله من فوق سبع سماوات، فهذا مشكلة، هذا كافر بتكذيبه لكلام الله -عز وجل.

الحالة الأخرى: وهو أن يكذِّب الصحابة بمجموعهم، أو أن يكفرهم بمجموعهم، والله ما يخرج هذا إلا من زنديق، كما قال ذلك جماعة من أهل العلم.

كلمة إمام أهل السنة أبي زرعة الرازي حيث يقول: "إذا رأيت الرجل ينتقص أحدًا من أصحاب الحبيب النبي -صلى الله عليه وسلم-، فاعلم أنه زنديق، وذلك أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- عندنا حق، والقرآن حق،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق