١٨ 💯✔✔
بسم الله الرحمن الرحيم
أولاً: زيادة الثقة ما هي؟
زيادة الثقة هي أن يزيد راوٍ ثقة زيادة فيتفرد بهذه الزيادة عن باقي الرواة الثقة، هذه هي زيادة الثقة، أن يأتي راوٍ ثقة ليزيد زيادة ما سواء كانت في الإسناد أوالمتن -
سنأتي إلى أنواع الزيادة في الثقة - فيزيد زيادة ما فيتفرد بهذه الزيادة عن باقي الثقات، إذن كأنني أريد أن أقول إنهم يتفقون في أن أصل الحديث واحد، الجميع رووا الحديث، لكن الخلاف أنه زاد زيادة على باقي رواة الثقة، فهل نقبل زيادته؟ هل نردها؟ هل هناك تفسير؟ هل هناك نظر؟ هنا محل نظر العلماء.
وقبل أن أبدأ نود أن نقسم المسألة بما أن الحديث يتكون من إسناد ومتن فزيادة ثقة إما أن تكون في الإسناد وإما أن تكون في المتن، فزيادة الثقة في الإسناد أبرز ملامحها وأبرز مسائلها ومباحثها موضوع تعارف نسميها الرفع والوقف والوصل والإرسال، هذا أبرز ملامحها.
موضوع تعارف بالوقف والرفع بأن يأتي راوٍ ويوقف الحديث على صحابي ما ثم يأتي راوٍ آخر ثقة -الجميع هنا ثقات- على إطلاق الصفة العامة وإلا هناك مخطئ هنا على منهجنا أن الثقة ليس ملكًا يمشي على الأرض بل هو معرض للصواب كما أنه معرض للخطأ، لكن صوابه أكثر بكثير من خطئه.
إذن أقول فزيادة الثقة في الإسناد أبرز ملامحها إطلاقات سيذكرها بعض العلماء وهي تعارض الرفع والوقف والوصل والإرسال، الوقف بأن يأتي راوٍ فيوقف الحديث على صحابي ما ثم يأتي راوٍ آخر ويرفعه من ذات الصحابي إلى الحبيب النبي -صلى الله عليه وآله وسلم.
النوع الثاني: الوصل والإرسال، نتذكر عندما عرفنا المرسل، قلنا لكم إن الإرسال عند أكثر علماء أهل الرواية يطلقون الإرسال على معنى غالٍ ما هو؟ الإرسال بمعنى الانقطاع عمومًا لا يعنون الإرسال هو ما قال فيه التابعي، قاله رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، الإرسال هنا بمعنى الانقطاع في أي موضع من مواضع الإسناد فيسمونه مرسلاً.
عندنا راوٍ "أ، ب، ج" يأتي راوٍ "أ" يروي عن راوٍ "ب" وراوٍ "ب" يروي عن الراوي " ج" يأتي راوٍ آخر "د" فيروي عن "أ" ثم إلى "ج" مباشرة فيسقط "ب" من الإسناد.
فهذا الآن هذا التعارض هل نقبل قول المرسل أم قول الواصل؟ فهناك في الوقف والرفع هل نقبل الواقف أم قول الرافع؟ أم هناك تفصيل؟ هذا من حيث الإسناد.
من حيث المتن زيادة الثقة في المتون واضحة بأن يأتي بأن نروي أو يروي رواة متنا فيأتي راوٍ فيزيد لفظة في المتن لن يذكرها سائر الرواة الآخرين، هذه هي الزيادة وهذا معناه وهذه فكرتها، زيادة الثقة، هل هي موجودة؟
نعم موجودة وبكثرة .
إذن الآن زيادة الثقة على بعدين أو على نوعين:
زيادة متعلقة في الإسناد،
وزيادة متعلقة في المتن .
الآن الزيادة سواء في الإسناد أو في المتن عند علماء الحديث كلها واحدة، الزيادة في الإسناد كالزيادة في المتن، زيادة الثقة في الإسناد كالزيادة في المتن لا فرق عند علماء الحديث
علماء الحديث لا فرق بين زيادة الثقة إن وردت في الإسناد أو وردت في المتن، هذه أول نقطة،
ما المستملي؟ الذي يصيح بصوته حتى يوصل للناس .
فإذن الآن فيه نوع من التعارض، هل أقبل قول الزائد بكون أن العالم حجة على من لم يعلم، أم أنني أخطئ الزائد بكون أنه ما زاد هذه الزيادة التي لم يشاركه فيها الرواة الثقات الأئمة المتقنون إلا لكون أنه قد سلك الفطرة الإنسانية، وهو الخطأ، والوهم الذي يعتري كل الجنس البشري.
فيه روايتان معتبرتان أم لا؟ نعم .
أهل الحديث نظروا إلى جانب الرواية، وإلى جانب واقع الرواية، فعلموا أن مجلس التحديث يحضره آلاف مؤلفة، ومن هؤلاء الآلاف عشرات من الحفاظ والمتقنين، فيأتي واحد يزيد على هؤلاء العشرات، فضلاً عن الألوف، فيأتي واحد يزيد على عشرات من المتقنين زيادة، فيقولون: لا، لا.
يخطئ الواحد، ولا يخطئ الجماعة، ما كلهم كسلوا، ما كلهم لم ينشطوا، ما كلهم غاب عنهم المجلس، ما كلهم، ما كلهم، لكنه هو واحد معرض لهذا.
أرأيتم البعد، هذا هو البعد، الخلاف الطويل .
منهج علماء الحديث، منهج أهل الرواية، والتحقيق أن المتقنين أئمة التحقيق من علماء الحديث على أن الزيادة لا تقبل مطلقًا، ولا ترد مطلقًا، بل بحسب القرائن، لكل حديث بحسب قرائنه الخاصة التي تنقدح في خلد الناقد، فيقبل الزيادة أو لا يقبلها، ليس هو على وجه التشهي، لا، عندنا قرائن نذكر بعضها الآن.
إذن: زاد هذه الزيادة رجل ثقة، لكن المخالفين له أوثق، وأثبت في الشيخ، القول قولهم بلا خلاف.
إذن: نظر من القرائن العدد، والإتقان، والحفظ، والضبط، فتارة يرجحون يقبلون الزيادة؛ لأنهم رأوا أن هذه الزيادة رواها ما هو واحد، ثلاثة أربعة، وأيضًا متقنون، أئمة في الإتقان، فهؤلاء زاد أربعة، وفي المقابل زاد عشرة لم يزد هذه الزيادة، فيفاضلون بينهم، فيرون أن هذا حفظ، وهذا حفظ، فيقبلون هذه وهذه، فيقبلون إذ ذاك زيادة الثقة، وتارة لا، يرون أن واحدًا يخالف جماعة من الحفاظ، أو أنه حافظ، لكنه أشد منه حفظًا وإتقانًا وتثبتًا، وكما قلنا إن الحفظ مراتب، كما أن سوء الحفظ مراتب.
إذن: هناك جملة من القرائن تنقدح في خلد الناقد، تجعله تارة يقبل زيادة الثقة، وتارة لا يقبلها، لكل حديث بحسبه، كل حديث له حكمه الخاص.
لذلك ذكر بعض المحققين قيدًا جميلاً ماتعًا، فقال: إن تفرد راوٍ بزيادة، وهو مما يحتمل تفرده قُبلت، مما يحتمل تفرده، يعني قامت القرائن على أنه حفظ هذه الزيادة، حينها نقول العالم حجة على من لم يعلم، وإلا فلا.
الآن نأتي لمنهج الفقهاء والأصوليين، والمتكلمين، قالوا فيه عندنا زيادة إسناد، وزيادة متن،
وذهب الجمهور وأكثر أهل الحديث إلى ترجيح رواية الإرسال على الوصل، وترجيح رواية الوقف على الرفع، يعني دائمًا لا يرجحون رواية الزيادة، الانقطاع على الوصل، والوقف على الرفع .
والحق كما قلت: أهل الحديث لكل حديث قرائن تخصه، بحسبه، لكل حديث درسه ودراسته، وتعمقه الخاص به.
لو تتبعت كلام الحافظ الدارقطني في العلل، وما أكثر من هذه المسألة، يعني تجد أن نصف كتاب العلل متعلق بتعارض الرفع والوقف والإرسال والوصل.
( الخلاصة )
إذن هي كل قرائن بحسبها، إذن هذا موضوع زيادة الوصل،
إذن منهج المحدثين أنهم أولاً لا يفرقون بين زيادة الثقة في الإسناد أو في المتن، هذا الأول،
ويعاملون على أن الزيادة لا ترد مطلقًا، ولا تقبل مطلقًا، وإنما لكل حديث درسه الخاص به.
أما بعض العلماء علماء الأصول متأخري الأصوليين والمتكلمين، والفقهاء، فنظروا، فقالوا
نفرق بين زيادة الثقة في الإسناد، وزيادة الثقة في المتن،
فقالوا: زيادة الثقة في الإسناد، فبعضهم ردها مطلقًا، وبعضهم قبلها مطلقًا، والتحقيق: لا الرد المطلق، ولا القبول المطلق .
والحق: أنها لا ترد مطلقًا، ولا تقبل مطلقًا، بل يدرس، هل هذا الراوي هنا حفظ، فكانت زيادة علم، أم لم يحفظ، وكان من الخطأ الذي يعتري بني آدم، ولو كان ثقة، هذا الجانب من حيث الإسناد.
قالوا فيه زيادة مخالفة، فيه بعض الكلام غير مفهوم، لكن هو هكذا، فيه زيادة مخالفة مردودة، تخالف المتن، يعني المتن يقول لا يجوز، وهي تقول يجوز في فعل ما، مخالفة من كل وجه، هذه مردودة،
ألا توافقونني أصلاً في أصل المسألة، أن عموم الزيادة فيها نوع مخالفة، عموم التفرد، يعني أنا لما أتفرد عنكم، رويتم حديثًا ما، وأنا زدت زيادة تفردتم، ألا توافقون أنكم في أنفسكم تقولون أن هذا خالفنا شيئًا ما، في التفرد نوع مخالفة، ذلك تعامل معه أهل الحديث على ما ذكرت لكم.
فإذا قالوا: فيه عندنا زيادة، ثقة مخالفة، وهذه مردودة،
أو لا مخالفة، ولا موافقة، وفيه زيادة، هذا النوع الثاني،
وقسم ثالث: زيادة الثقة، وبين لا مخالف ولا موافق، وهي أن يقيَّد العام، يعني دعونا نقول: يقيَّد المطلق، أو يخصص العام شيئًا ما، بلفظة زادها بعض الرواة دون بعض، ومنها: حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- في التشهد، "أنه كان يتشهد بأصبعه، يشير بها جهة القبلة، ينظر إليها"، وزاد بعضهم: "يحركها يدعو بها"، زاد بعضهم لفظة "يحركها".
اتفق الرواة على أنه يشير بها جهة القبلة يدعو بها، وزاد بعضهم: "يحركها"، قيَّدت نوعًا ما صفة، لكن لا مخالفة تامة، ولا موافقة على وجه التمام.
فالآن هذه الثلاث زيادات قلنا: الأولى مردودة .
والثانية محل نظر .
والثالثة هي موضع الخلاف الشديد جدًّا، واختلفت على أقوال،
فبعض الأصوليين يقولون: إذا اتحد المجلس لا نقبل الزيادة، مجلس التحديث إذا اتحد فلا نقبل الزيادة، وإذا اختلف مجلس التحديث فنقبل الزيادة؛
الآن بعد أن ذكرنا بعض .. تقول لي فيه وجود لها كثير يا إخواني، مثلاً: حديث ابن عمر: "فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر صاعًا من بر، أو صاعًا من شعير على الذكر، والأنثى، والحر، والعبد" فزاد الإمام مالك: "من المسلمين".
الإمام أحمد له كلمة عظيمة، طبعًا الحديث يرويه مالك، عن نافع، عن ابن عمر، ماذا نسميه عند علماء الحديث؟
{يسمى سلسلة ذهبية للإسناد}.
ما معنى سلسلة ذهبية ؟
يعني أصح أسانيد الدنيا، يعني أثبت الناس في نافع هو مالك، وأثبت الناس في ابن عمر هو نافع، من أصح أسانيد الدنيا، يعني الآن أريد أن أقول: مالك مختص تمامًا في نافع، أو ما هو مختص؟ إذا مالك غير مختص في نافع، فقل لي بربك من مختص بآخر؟ مختص غاية الاختصاص، غاية الاختصاص، من أثبت تلاميذ نافع، وابن عمر من أثبت تلاميذه كان نافع مولاه، إذن لذلك سماها أهل العلم سلسلة الذهب، إسناد ذهبي، كقولنا: يكتب بماء الذهب.
نقول: زيادة الثقة في الإسناد، كزيادة الثقة في المتن عند أهل الحديث، أهل الرواية، أهل العناية، وأنه لا تحكم عليها بقبول مطلق، ولا برد مطلق، وإنما لكل حديث بحسبه، بحسب القرائن التي تنقدح في خلد الناقد، والتي تغلب قبول الزيادة، أو ردها، وهلم جرا، ثم ننبه على أن الإسناد والمتن عند علماء الحديث زيادة الثقة فيهما سواء، ثم أأكد على المعنى، أن زيادة الثقة لا ترد، أعيد: لا ترد، أن زيادة الثقة لا ترد على زيادة لفظة زادها صحابي على صحابي آخر لذات الحديث، بمعنى: أن يروي الحديث مثلاً ابن عمر، فيذكر الحديث، ويأتي ابن عباس فيزيد لفظة في ذات الحديث على ابن عمر، هذا ليس مورد زيادة الثقة أبدأ، وإنما زيادة الثقة نتكلم إذا كان مدار الإسناد واحدًا.
( علم الجرح والتعديل )
أولاً: ما فائدة هذا العلم؟
كل المقدمات، وكل ما ذكرناه، إنما يصب في علم الجرح والتعديل، وعلم التصحيح التضعيف، لو أردت أن تجمع علوم المصطلح، علوم الحديث، كقواعد ولبنات، والركائز، على علمين:
( علم الجرح والتعديل ) ( وعلم التعليل والتصحيح والتضعيف )
هذا هو، وأنت الآن عد إلى تعريف الحديث الصحيح، ما هو؟ عدالة وضبط، وعلة وشذوذ، هذه ركائز علم الحديث، فالآن لابد أن نخوض غمارها؛ لأن طالب علم لا يعرف علم الجرح والتعديل، كأن كل المقدمات لم ينتفع منها بشيء.
أولاً: ما هو علم الجرح والتعديل؟ أجيبوا، قل من عندك.
هو حكم العلماء على الرواة جرحًا أو تعديلاً، قبولاً أو ردًا، هو قول العلماء وحكم العلماء على الرواة قبولاً أو ردًا، هذا يقبل حديثه، وهذا لا يقبل حديثه، وهلم جرا.
الجرح والتعديل في أصله يدخل في باب الغيبة أم لا؟
دققوا يا إخوان، ما تستبقوا الأحداث، أنتم تتسرعون، نعم، الجرح والتعديل في أصله غيبة ،
لأني أنا الآن لما آتي لواحد وأقول هذا كذاب في الحديث، هو يحب أن يكون كذاب، يعني هو يحبك أن تقول عنه كذاب، وهو في قبره الآن، يعني أيضًا اغتبت غائبًا، اغتبت غائبًا مقبورًا، هو في الأصل غيبة، صواب أم خطأ؟ غيبة، نعم، هو في أصله غيبة،
لكن نعلم أن الغيبة في بعض الحالات تباح، وهذا بنص حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد جمع العلماء في ست حالات تباح الغيبة .
فإذن الغيبة في أصلها محرمة، والجرح والتعديل من باب الغيبة، لكنها من باب الغيبة المباحة الجائزة، المتعبد بها،
وعلى هذا هناك شروط للجرح والتعديل:
الأولى: أن تجرح الراوي على قدر الحاجة، ما تأتي حظوظ نفسك، أنت بينك وبينه وقيعة، فتأخذ حاجتك منه، تشفي غليلك منه، تقع فيه، لا، لا، اتق الله، أن تجرحه على قدر الحاجة.
الثانية: إن كان فيه محاسن، تذكر محاسن، إن كان فيه تعديل، تذكر الجرح مع التعديل، ولا تكتفي بالجرح، انظروا الأمانة، انظروا التقوى، ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ { المائدة: 8].
فهو متكلم فيه في الحديث في جانب معين، لكن موثق، فكان منهج طلب العلم السديد السوي المستقيم ما تقول فلان ضعيف وتسكت، وأنت تعلم أن من المحدثين من العلماء من وثَّق الراوي، تقول: اختلفت وجهة نظر العلماء، فذهب فلان وفلان وفلان إلى توثيقه، وذهب فلان وفلان وفلان إلى تضعيفه، ثم ترجح بين أقواله بالطرق التي سنمر عليها، طرق تعارض الجرح والتعديل، وقواعده.
إذن من شروط المعدل:
أولاً: أن يجرح على قدر الحاجة.
ثانيًا: أنه إذا وردت عليه أن يذكر تعديل، أن يكون عالمًا بالعربية حتى يفهم المعاني، والله جميلة يفهم لفظ مجرح على أنها تعديل، مصيبتاه! أن يكون عالمًا باللغة العربية.
ثالثًا: أن يكون عالمًا بقواعد الجرح والتعديل، وضوابطه .
بسم الله الرحمن الرحيم
أولاً: زيادة الثقة ما هي؟
زيادة الثقة هي أن يزيد راوٍ ثقة زيادة فيتفرد بهذه الزيادة عن باقي الرواة الثقة، هذه هي زيادة الثقة، أن يأتي راوٍ ثقة ليزيد زيادة ما سواء كانت في الإسناد أوالمتن -
سنأتي إلى أنواع الزيادة في الثقة - فيزيد زيادة ما فيتفرد بهذه الزيادة عن باقي الثقات، إذن كأنني أريد أن أقول إنهم يتفقون في أن أصل الحديث واحد، الجميع رووا الحديث، لكن الخلاف أنه زاد زيادة على باقي رواة الثقة، فهل نقبل زيادته؟ هل نردها؟ هل هناك تفسير؟ هل هناك نظر؟ هنا محل نظر العلماء.
وقبل أن أبدأ نود أن نقسم المسألة بما أن الحديث يتكون من إسناد ومتن فزيادة ثقة إما أن تكون في الإسناد وإما أن تكون في المتن، فزيادة الثقة في الإسناد أبرز ملامحها وأبرز مسائلها ومباحثها موضوع تعارف نسميها الرفع والوقف والوصل والإرسال، هذا أبرز ملامحها.
موضوع تعارف بالوقف والرفع بأن يأتي راوٍ ويوقف الحديث على صحابي ما ثم يأتي راوٍ آخر ثقة -الجميع هنا ثقات- على إطلاق الصفة العامة وإلا هناك مخطئ هنا على منهجنا أن الثقة ليس ملكًا يمشي على الأرض بل هو معرض للصواب كما أنه معرض للخطأ، لكن صوابه أكثر بكثير من خطئه.
إذن أقول فزيادة الثقة في الإسناد أبرز ملامحها إطلاقات سيذكرها بعض العلماء وهي تعارض الرفع والوقف والوصل والإرسال، الوقف بأن يأتي راوٍ فيوقف الحديث على صحابي ما ثم يأتي راوٍ آخر ويرفعه من ذات الصحابي إلى الحبيب النبي -صلى الله عليه وآله وسلم.
النوع الثاني: الوصل والإرسال، نتذكر عندما عرفنا المرسل، قلنا لكم إن الإرسال عند أكثر علماء أهل الرواية يطلقون الإرسال على معنى غالٍ ما هو؟ الإرسال بمعنى الانقطاع عمومًا لا يعنون الإرسال هو ما قال فيه التابعي، قاله رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، الإرسال هنا بمعنى الانقطاع في أي موضع من مواضع الإسناد فيسمونه مرسلاً.
عندنا راوٍ "أ، ب، ج" يأتي راوٍ "أ" يروي عن راوٍ "ب" وراوٍ "ب" يروي عن الراوي " ج" يأتي راوٍ آخر "د" فيروي عن "أ" ثم إلى "ج" مباشرة فيسقط "ب" من الإسناد.
فهذا الآن هذا التعارض هل نقبل قول المرسل أم قول الواصل؟ فهناك في الوقف والرفع هل نقبل الواقف أم قول الرافع؟ أم هناك تفصيل؟ هذا من حيث الإسناد.
من حيث المتن زيادة الثقة في المتون واضحة بأن يأتي بأن نروي أو يروي رواة متنا فيأتي راوٍ فيزيد لفظة في المتن لن يذكرها سائر الرواة الآخرين، هذه هي الزيادة وهذا معناه وهذه فكرتها، زيادة الثقة، هل هي موجودة؟
نعم موجودة وبكثرة .
إذن الآن زيادة الثقة على بعدين أو على نوعين:
زيادة متعلقة في الإسناد،
وزيادة متعلقة في المتن .
الآن الزيادة سواء في الإسناد أو في المتن عند علماء الحديث كلها واحدة، الزيادة في الإسناد كالزيادة في المتن، زيادة الثقة في الإسناد كالزيادة في المتن لا فرق عند علماء الحديث
علماء الحديث لا فرق بين زيادة الثقة إن وردت في الإسناد أو وردت في المتن، هذه أول نقطة،
ما المستملي؟ الذي يصيح بصوته حتى يوصل للناس .
فإذن الآن فيه نوع من التعارض، هل أقبل قول الزائد بكون أن العالم حجة على من لم يعلم، أم أنني أخطئ الزائد بكون أنه ما زاد هذه الزيادة التي لم يشاركه فيها الرواة الثقات الأئمة المتقنون إلا لكون أنه قد سلك الفطرة الإنسانية، وهو الخطأ، والوهم الذي يعتري كل الجنس البشري.
فيه روايتان معتبرتان أم لا؟ نعم .
أهل الحديث نظروا إلى جانب الرواية، وإلى جانب واقع الرواية، فعلموا أن مجلس التحديث يحضره آلاف مؤلفة، ومن هؤلاء الآلاف عشرات من الحفاظ والمتقنين، فيأتي واحد يزيد على هؤلاء العشرات، فضلاً عن الألوف، فيأتي واحد يزيد على عشرات من المتقنين زيادة، فيقولون: لا، لا.
يخطئ الواحد، ولا يخطئ الجماعة، ما كلهم كسلوا، ما كلهم لم ينشطوا، ما كلهم غاب عنهم المجلس، ما كلهم، ما كلهم، لكنه هو واحد معرض لهذا.
أرأيتم البعد، هذا هو البعد، الخلاف الطويل .
منهج علماء الحديث، منهج أهل الرواية، والتحقيق أن المتقنين أئمة التحقيق من علماء الحديث على أن الزيادة لا تقبل مطلقًا، ولا ترد مطلقًا، بل بحسب القرائن، لكل حديث بحسب قرائنه الخاصة التي تنقدح في خلد الناقد، فيقبل الزيادة أو لا يقبلها، ليس هو على وجه التشهي، لا، عندنا قرائن نذكر بعضها الآن.
إذن: زاد هذه الزيادة رجل ثقة، لكن المخالفين له أوثق، وأثبت في الشيخ، القول قولهم بلا خلاف.
إذن: نظر من القرائن العدد، والإتقان، والحفظ، والضبط، فتارة يرجحون يقبلون الزيادة؛ لأنهم رأوا أن هذه الزيادة رواها ما هو واحد، ثلاثة أربعة، وأيضًا متقنون، أئمة في الإتقان، فهؤلاء زاد أربعة، وفي المقابل زاد عشرة لم يزد هذه الزيادة، فيفاضلون بينهم، فيرون أن هذا حفظ، وهذا حفظ، فيقبلون هذه وهذه، فيقبلون إذ ذاك زيادة الثقة، وتارة لا، يرون أن واحدًا يخالف جماعة من الحفاظ، أو أنه حافظ، لكنه أشد منه حفظًا وإتقانًا وتثبتًا، وكما قلنا إن الحفظ مراتب، كما أن سوء الحفظ مراتب.
إذن: هناك جملة من القرائن تنقدح في خلد الناقد، تجعله تارة يقبل زيادة الثقة، وتارة لا يقبلها، لكل حديث بحسبه، كل حديث له حكمه الخاص.
لذلك ذكر بعض المحققين قيدًا جميلاً ماتعًا، فقال: إن تفرد راوٍ بزيادة، وهو مما يحتمل تفرده قُبلت، مما يحتمل تفرده، يعني قامت القرائن على أنه حفظ هذه الزيادة، حينها نقول العالم حجة على من لم يعلم، وإلا فلا.
الآن نأتي لمنهج الفقهاء والأصوليين، والمتكلمين، قالوا فيه عندنا زيادة إسناد، وزيادة متن،
وذهب الجمهور وأكثر أهل الحديث إلى ترجيح رواية الإرسال على الوصل، وترجيح رواية الوقف على الرفع، يعني دائمًا لا يرجحون رواية الزيادة، الانقطاع على الوصل، والوقف على الرفع .
والحق كما قلت: أهل الحديث لكل حديث قرائن تخصه، بحسبه، لكل حديث درسه ودراسته، وتعمقه الخاص به.
لو تتبعت كلام الحافظ الدارقطني في العلل، وما أكثر من هذه المسألة، يعني تجد أن نصف كتاب العلل متعلق بتعارض الرفع والوقف والإرسال والوصل.
( الخلاصة )
إذن هي كل قرائن بحسبها، إذن هذا موضوع زيادة الوصل،
إذن منهج المحدثين أنهم أولاً لا يفرقون بين زيادة الثقة في الإسناد أو في المتن، هذا الأول،
ويعاملون على أن الزيادة لا ترد مطلقًا، ولا تقبل مطلقًا، وإنما لكل حديث درسه الخاص به.
أما بعض العلماء علماء الأصول متأخري الأصوليين والمتكلمين، والفقهاء، فنظروا، فقالوا
نفرق بين زيادة الثقة في الإسناد، وزيادة الثقة في المتن،
فقالوا: زيادة الثقة في الإسناد، فبعضهم ردها مطلقًا، وبعضهم قبلها مطلقًا، والتحقيق: لا الرد المطلق، ولا القبول المطلق .
والحق: أنها لا ترد مطلقًا، ولا تقبل مطلقًا، بل يدرس، هل هذا الراوي هنا حفظ، فكانت زيادة علم، أم لم يحفظ، وكان من الخطأ الذي يعتري بني آدم، ولو كان ثقة، هذا الجانب من حيث الإسناد.
قالوا فيه زيادة مخالفة، فيه بعض الكلام غير مفهوم، لكن هو هكذا، فيه زيادة مخالفة مردودة، تخالف المتن، يعني المتن يقول لا يجوز، وهي تقول يجوز في فعل ما، مخالفة من كل وجه، هذه مردودة،
ألا توافقونني أصلاً في أصل المسألة، أن عموم الزيادة فيها نوع مخالفة، عموم التفرد، يعني أنا لما أتفرد عنكم، رويتم حديثًا ما، وأنا زدت زيادة تفردتم، ألا توافقون أنكم في أنفسكم تقولون أن هذا خالفنا شيئًا ما، في التفرد نوع مخالفة، ذلك تعامل معه أهل الحديث على ما ذكرت لكم.
فإذا قالوا: فيه عندنا زيادة، ثقة مخالفة، وهذه مردودة،
أو لا مخالفة، ولا موافقة، وفيه زيادة، هذا النوع الثاني،
وقسم ثالث: زيادة الثقة، وبين لا مخالف ولا موافق، وهي أن يقيَّد العام، يعني دعونا نقول: يقيَّد المطلق، أو يخصص العام شيئًا ما، بلفظة زادها بعض الرواة دون بعض، ومنها: حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- في التشهد، "أنه كان يتشهد بأصبعه، يشير بها جهة القبلة، ينظر إليها"، وزاد بعضهم: "يحركها يدعو بها"، زاد بعضهم لفظة "يحركها".
اتفق الرواة على أنه يشير بها جهة القبلة يدعو بها، وزاد بعضهم: "يحركها"، قيَّدت نوعًا ما صفة، لكن لا مخالفة تامة، ولا موافقة على وجه التمام.
فالآن هذه الثلاث زيادات قلنا: الأولى مردودة .
والثانية محل نظر .
والثالثة هي موضع الخلاف الشديد جدًّا، واختلفت على أقوال،
فبعض الأصوليين يقولون: إذا اتحد المجلس لا نقبل الزيادة، مجلس التحديث إذا اتحد فلا نقبل الزيادة، وإذا اختلف مجلس التحديث فنقبل الزيادة؛
الآن بعد أن ذكرنا بعض .. تقول لي فيه وجود لها كثير يا إخواني، مثلاً: حديث ابن عمر: "فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر صاعًا من بر، أو صاعًا من شعير على الذكر، والأنثى، والحر، والعبد" فزاد الإمام مالك: "من المسلمين".
الإمام أحمد له كلمة عظيمة، طبعًا الحديث يرويه مالك، عن نافع، عن ابن عمر، ماذا نسميه عند علماء الحديث؟
{يسمى سلسلة ذهبية للإسناد}.
ما معنى سلسلة ذهبية ؟
يعني أصح أسانيد الدنيا، يعني أثبت الناس في نافع هو مالك، وأثبت الناس في ابن عمر هو نافع، من أصح أسانيد الدنيا، يعني الآن أريد أن أقول: مالك مختص تمامًا في نافع، أو ما هو مختص؟ إذا مالك غير مختص في نافع، فقل لي بربك من مختص بآخر؟ مختص غاية الاختصاص، غاية الاختصاص، من أثبت تلاميذ نافع، وابن عمر من أثبت تلاميذه كان نافع مولاه، إذن لذلك سماها أهل العلم سلسلة الذهب، إسناد ذهبي، كقولنا: يكتب بماء الذهب.
نقول: زيادة الثقة في الإسناد، كزيادة الثقة في المتن عند أهل الحديث، أهل الرواية، أهل العناية، وأنه لا تحكم عليها بقبول مطلق، ولا برد مطلق، وإنما لكل حديث بحسبه، بحسب القرائن التي تنقدح في خلد الناقد، والتي تغلب قبول الزيادة، أو ردها، وهلم جرا، ثم ننبه على أن الإسناد والمتن عند علماء الحديث زيادة الثقة فيهما سواء، ثم أأكد على المعنى، أن زيادة الثقة لا ترد، أعيد: لا ترد، أن زيادة الثقة لا ترد على زيادة لفظة زادها صحابي على صحابي آخر لذات الحديث، بمعنى: أن يروي الحديث مثلاً ابن عمر، فيذكر الحديث، ويأتي ابن عباس فيزيد لفظة في ذات الحديث على ابن عمر، هذا ليس مورد زيادة الثقة أبدأ، وإنما زيادة الثقة نتكلم إذا كان مدار الإسناد واحدًا.
( علم الجرح والتعديل )
أولاً: ما فائدة هذا العلم؟
كل المقدمات، وكل ما ذكرناه، إنما يصب في علم الجرح والتعديل، وعلم التصحيح التضعيف، لو أردت أن تجمع علوم المصطلح، علوم الحديث، كقواعد ولبنات، والركائز، على علمين:
( علم الجرح والتعديل ) ( وعلم التعليل والتصحيح والتضعيف )
هذا هو، وأنت الآن عد إلى تعريف الحديث الصحيح، ما هو؟ عدالة وضبط، وعلة وشذوذ، هذه ركائز علم الحديث، فالآن لابد أن نخوض غمارها؛ لأن طالب علم لا يعرف علم الجرح والتعديل، كأن كل المقدمات لم ينتفع منها بشيء.
أولاً: ما هو علم الجرح والتعديل؟ أجيبوا، قل من عندك.
هو حكم العلماء على الرواة جرحًا أو تعديلاً، قبولاً أو ردًا، هو قول العلماء وحكم العلماء على الرواة قبولاً أو ردًا، هذا يقبل حديثه، وهذا لا يقبل حديثه، وهلم جرا.
الجرح والتعديل في أصله يدخل في باب الغيبة أم لا؟
دققوا يا إخوان، ما تستبقوا الأحداث، أنتم تتسرعون، نعم، الجرح والتعديل في أصله غيبة ،
لأني أنا الآن لما آتي لواحد وأقول هذا كذاب في الحديث، هو يحب أن يكون كذاب، يعني هو يحبك أن تقول عنه كذاب، وهو في قبره الآن، يعني أيضًا اغتبت غائبًا، اغتبت غائبًا مقبورًا، هو في الأصل غيبة، صواب أم خطأ؟ غيبة، نعم، هو في أصله غيبة،
لكن نعلم أن الغيبة في بعض الحالات تباح، وهذا بنص حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد جمع العلماء في ست حالات تباح الغيبة .
فإذن الغيبة في أصلها محرمة، والجرح والتعديل من باب الغيبة، لكنها من باب الغيبة المباحة الجائزة، المتعبد بها،
وعلى هذا هناك شروط للجرح والتعديل:
الأولى: أن تجرح الراوي على قدر الحاجة، ما تأتي حظوظ نفسك، أنت بينك وبينه وقيعة، فتأخذ حاجتك منه، تشفي غليلك منه، تقع فيه، لا، لا، اتق الله، أن تجرحه على قدر الحاجة.
الثانية: إن كان فيه محاسن، تذكر محاسن، إن كان فيه تعديل، تذكر الجرح مع التعديل، ولا تكتفي بالجرح، انظروا الأمانة، انظروا التقوى، ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ { المائدة: 8].
فهو متكلم فيه في الحديث في جانب معين، لكن موثق، فكان منهج طلب العلم السديد السوي المستقيم ما تقول فلان ضعيف وتسكت، وأنت تعلم أن من المحدثين من العلماء من وثَّق الراوي، تقول: اختلفت وجهة نظر العلماء، فذهب فلان وفلان وفلان إلى توثيقه، وذهب فلان وفلان وفلان إلى تضعيفه، ثم ترجح بين أقواله بالطرق التي سنمر عليها، طرق تعارض الجرح والتعديل، وقواعده.
إذن من شروط المعدل:
أولاً: أن يجرح على قدر الحاجة.
ثانيًا: أنه إذا وردت عليه أن يذكر تعديل، أن يكون عالمًا بالعربية حتى يفهم المعاني، والله جميلة يفهم لفظ مجرح على أنها تعديل، مصيبتاه! أن يكون عالمًا باللغة العربية.
ثالثًا: أن يكون عالمًا بقواعد الجرح والتعديل، وضوابطه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق